Wednesday, November 23, 2016

Review: زمن الخيول البيضاء

زمن الخيول البيضاء زمن الخيول البيضاء by Ibrahim Nasrallah - إِبراهيم نصر الله
My rating: 5 of 5 stars

الشرف .. والخيول .. وزمن الخيول البيضاء ..

اعتقد ان سلسله الملهاة الفلسطينية سترافقني في ايامي القادمة .. استمتع بكل ما يكتب ويقال .. الكاتب الرقيق الذي يسرد حكايا وطن .. اقرأ عن الشعب الذي نسي بين طيات التاريخ ، فأجد نفسي نهمة لاعرف المزيد .. هذه السلسلة ليست فقط سلسلة أدبية تملك دقة في الوصف ورقة في استماله القلوب .. بل هي الحكايا المنسية لبطولات افراد في مواقف مختلفة .. حكايا الذين لا يكتبون في التاريخ .. قاموا وفعلوا .. وحكايا عن البشر .. عن الطباع المختلفة الحقيقة التي توجد في كل مجتمع ، ونحاول تنميطها او تجاهلها ، او يسقطها التاريخ على اعتاب الامراء والمنتصرين ..

"وتذكر ان من تعرفه الخيل لن يجهله الناس"

التمثيل الاعلى .. واعادة اسقاط صفات نبيلة تتمتع بها الخيول على مجتمعات سكنت أرضا اسمها فلسطين .. تأبى الا ان تعود من الماضي لتذكرنا بما كان عليه .. بحقيقته وتناقضاته .. بالحكمة والعزة .. والخبث والخيانة .. بتجليات النفس البشرية التي يجب ان نعيها قبل ان نكبر الجميل منها ونذم القبيح ..

" رجلا ملتفا على نفسه كان، رجلا مجدولا يحاول منع أي صوت للألم الذي يعتصره من الوصول للخارج ."
ابراهيم نصر الله برقته .. يصف حالة انسانية مستترة بين الضلوع ..

"إن كنت تخشى ان تفقدها، فالمرء لا يستطيع أن يفقد شيئا هو في الاصل لغيره ، وإلا سوف يعذب نفسه مرتين ، مرة بجهله ومرة بفقدان ما ليس له "
"وما دام قرر الانسان ان يعطي ، فليعط افضل مالديه "
يحدثك الكتاب في بداياته .. عن شاب صغير .. تحركت روحه للدفاع عن شرف "خيل بيضاء" استجارت به .. ووصل في نهاية الكتاب الى رجل دافع عن كرامة وطن .. لم يتنازل عن حربه .. يحكي لك كيف يتحول "فتى" الى "رمز" .. ويعلمنا كيف نسير على خطاه .. طفولة .. عشق .. رجولة .. أبوه .. كيف ان الانسان لا يعلو الا اذا سمع نداء داخله فأنصت له .. استجاب لروحه بما يراه حقا .. فسمت به الى أبعد مما عرف عنه ..
لا يتوقف فقط عند سرد أهمية الرجولة .. بل لقوة المرأة ودورها وصنيعا نسج جزءا كبيرا من الرواية .. مئات من القصص الصغيرة عن بطولات يومية او بطولات تسيطر على عمر باكمله .. حبها وجبروتها .. طفولتها واحتوائها .. وايمانها وضعفها ..

ان تبحث عن عادات فلسطينية .. اهازيج .. عن الارث الاجتماعي المنقول .. ابحث في هذه السلسلة .. هو لا يسردها .. بل تفهم العلة من الكلمة في الاغنية .. واساليب الخطوبة والزواج .. وحتى ما قوم المجتمع الصغير .. والعلاقات الضمنية التي لم يخلق احتياج لصياغة قوانينها .. ورثت ام وضعت في الطعام لا ادري .. ولكنها كانت تناسب حالة العصر وطريقة التفكير التي سردت في سطور الكتاب ..
تقرأ بين سطوره كيف كان التعايش الديني في أوجه .. كيف ان الله للجميع .. وايمان كل واحد ومعتقداته له .. ما تفعلون بهذا الايمان .. هو ما يهم..
- "ولكننا يا حاج لا نعرف شيئا مما حصل، وليس لنا ذنب فيما يفعله عساكره .
- أعرف هذا، ولكن ذنبكم انكم قبلتم أن يكون مثل هذا الظالم سيدا عليكم"
لا يكتفي الكتاب بان يروي لنا كل هذا الزخم من الزينة التي تنقش في الذاكرة .. بل يسرد لنا بهدوء كيف تسلب الحقوق .. وكيف ان الانسان يبحث عن قشة لينقذ بها احلامه .. كيف تكالبت الاحداث .. وكيف ان القصاصات من الخيانات الصغيرة والكبيرة اجتمعت بشكل يبدو لنا عشوائيا في البداية ، وتحولت الى اعلان لدولة اسرائيل على أرض نسي اصحابها .. او ذبحوا .. او مسحوا .. من يذكر اسماء مقابل ارض ؟
"لقد اعتبرناكم خسائر حرب "
- "ماالذي يمكن أن نفعله؟ كان السؤال الوحيد الذي يتكرر.
- افعلوا أي شيء إلا الاستسلام"

شكرا ل #ابراهيم_نصر_الله


View all my reviews

Thursday, November 17, 2016

ولدت هناك، ولدت هناولدت هناك، ولدت هنا by Mourid Barghouti - مريد البرغوثي


"الطريق يزداد وعورة..
أكتافنا تتلامس مع كل اهتزاز .. "


رواية نثرية أخرى ، تأخذني بعيدا في عمق الوجع الفلسطيني واحلامه .. بين تاريخه وانطباعات انسانية .. وأحلام تحكمت في مسارها ادارتها السياسات والمصالح العالمية .. تسرق الرواية جزءا من خيالك لتقيم لنفسها كيانا ضمن جدران ذاكراتك التي تختزن كل شيء .. مقتطفات من أخبار سمعتها يوما .. او مشاهد عبرت أماك في نشرة الأخبار لم تلق لها بالا في انتظار المسلسل المكسيكي المترجم ..
يسرد السيد مريد رحلته مع ابنه تميم الى الأرض الفلسطينية .. للحصول على حقه في الهوية الفلسطينية .. ونعبر معه لا الحدود الجغرافية فقط .. ولا معابر الاحتلال ونقاط التفتيش .. ولا الصور المختلفة التي تنطبع في حقيقتك كوجود تستطيع ان تتلمسه بيديك.. بل كل الحدود التي بنيت داخله .. كل ما أثار داخله المشاعر الانسانية القوية والواهية .. استحضاره للذاكرة .. او محاولته لملئ تجاويفها التي تسقط من الذاكرة بعنف .. او بصمت .. او التي تتلاشى وفقط ..

هل أوجعك القلق يوما ؟ "
"الخيال لا يلغيه أي واقع. فالواقع الذي يباغتنا سرعان ما يستولد في البال خيالا آخر. وأكاد أسأل هل هناك ((حقيقة)) خارج ((الخيال)) الإنساني؟ وتحيرني الإجابة. "
"ألا يبدو قلقي سخيفا ومخجلا اذا ما قورن بعذابات شعبي المزمنة؟
.....
أريد أن اتعامل مع مشاعري القليلة الشأن التي لا يسمع عنها العالم أبدا، أريد أن اؤرخ لحقي في القلق العابر والحزن البسيط والشهوات الصغيرة والأحاسيس التي تومض في القلب لمحا ثم تختفي. أنا لا أقول إن قلقي مبرر ولا أعتذر عنه. إنه قلقي وكفى. أنا أتحث عنه كما هو. لا أريد شيئا من أحد. لا أستغيث ولا أريد عونا ولا تعاطفا بل أريد أن أتحسس داخلي لأعرفه وأصغي لصوت نفسي فأسمعه وأريد أن أورخ لما لن يؤرخه أحد نيابة عني. أريد أن أنقش أصغر مشاعري بإزميل على حجر بجوار الطريق... "
"

صفحات الكتاب مرآة لانسانية الشاعر التي عرّيت انسانيته بشدة على مراحل مختلفة .. ولأسباب مختلفة .. فتستطيع ان ترسى المسميات كال " الغضب" .. وال " الحب" .. وال"الحنين" .. مرسومة واضحة لا شيء يسترها .. سوى .. احيانا .. جرائد قديمة وعناوين اخبار حركتها نسمات الذاكرة التي تأبى أن تهدأ ..
ينمو احتياج حقيقي للمنفي والغريب بفهم أدق مشاعره وأرهفها .. بمعاصرتها والاعتراف بوجوديتها كي لا تنسى .. ولا ينسى ..

"المسألة ليست في التعلق الرومانسي بالمكان، بل في الحرمان الأبدي منه"


أن تكون منزوعا من جذورك ، غير قادر على العودة الا لوطن رسمته داخلك .. تتلمس ما ترسمه انت لملئ الفجوات المختلفة التي تحدثا رصاصات الزمن .. انت في رحلة بين معالمه ومعالمك اللذان تشابها ثم تداخلا .. فلم تعد ترى الحدود .. انت وطنك الذي تحمله .. بنقصانكما وتكاملكما معا .. بخجلك امام ضعفك وتشوهات القوى السياسية التي غيرت معالمه ..

"كيف تنعس أمة بأكملها؟ كيف غفلنا إلى ذلك الحدّ؟ إلى هذا الحدّ بحيث أصبح وطننا وطنهم؟"
"وغياب العدالة منفى، والتنميط منفى، وسوء الفهم منفى.."
"جيل قد يسمم حياة أهله دفاعا عن حريته الشخصية لكنه لا يدري ماذا يفعل بهذه الحرية، ولا لماذا يريدها بالتحديد"


في هذا الكتاب تستطيع ان تتلمس من وجهة نظر فردية .. تحولت بشكل ما الى وعي جمعي .. تحليلا سياسيا لتأثير الاحداث .. وأسباب وصول الحال الى ما وصل اليه .. من غياب المرافبة الذاتية .. ومطامع دول سيادية .. بين الامل الذي يحرق أمام عينيك .. وتخليك عن بعضه الآخر .. بين قدرة احتلال على تشويه نظرتك الى قدراتك الانسانية .. ودفعك الى التمسك بعناد اعمى عن ذاكرة لم تعاصر منها سوى الرواة .. محاولة لتتبع الخيوط التي حولت القضية الفلسطينية .. وحق الافراد .. الى خبر يتابعه البعض بغضب وعنف آني .. والبعض الاخر الذي يعتبره جزءا مكررا في نشرات الاخبار اليومية ..

"ماما أنا في القدس. أنا في باب العمود. أنا وبابا في القدس."


كانت ذروة المتعة في قراءة الكتاب .. أن ترى كيف غرست الرائعة "رضوى عاشور" في ابنها "تميم " انتماءا لوطن لم يراه .. ولأب لم يعاصره الا في مناسبات متفرقة في سنين بداياته الأولى .. كيف أن الأم هي الحقيقة المتجلية في رسم ابعاد رجال ترى ابعد من الشمس .. كيف ان الحب يلقن على طاولات العشاء الفردية .. وكيف أن الوطن يخرج من أبعاده الجغرافية ليتجلى في أفراد .. كيف ان تكون "مصريته" .. لا تقل عن "فلسطينتيه" .. ولا تسبب له تناقضا .. قصيدة تميم البرغوثي "قالولي بتحب مصر قلت مش عارف" .. تأكيد حي على هذه الحقيقة ..

"رسالتك الفلسطينية يا رضوى، وصلت"

أحلم بكتاب مريد البرغوثي النثري الجديد .. ولحظات حقيقية من التجلي ..


View all my reviews

Thursday, November 3, 2016

Review: قناديل ملك الجليل

قناديل ملك الجليل قناديل ملك الجليل by إبراهيم نصر الله
My rating: 5 of 5 stars

قناديل ملك الجليل ..

"القنديل الذي سترى في ضوئه العالم عليك أن تشعله بنفسك يا بشر!"

"هذه البلاد بلادك وبلادي يا سعد مثلما هي بلادهم . هذه بلاد كل من يجرؤ على الدفاع عنها ، أما الجبناء ، فلا بلاد لهم ، لأن جبنهم هو بلادهم الوحيدة التي باستطاعتهم ان يرحلوا اليها الآن ، دون اسف عليهم.."

اعتقد اننا ندين لانفسنا ان نقرأ التاريخ .. تاريخنا .. ان نعلم ما فيه حقيقة .. ان نتوقف عن ارتداء الماضي كحلية لا نعلم مما صنعت .. ولا كيف شكلت .. كيف تكون لازماننا الحالية نظير .. لا نعي مدى قربه مننا .. على الرغم من اختلاف سحنته ..
كنت قد سحرت بالطنطورية .. ورأيت رام الله عندما نصحني صديقي طارق كمال بقراءة "زمن الخيول البيضاء" .. وكعادتي .. رحت ابحث عن الكتاب الذي ( واعترف بجهلي هنا ) اكتشفت بعد حين انه الجزء الثاني من سلسلة "الملهاة الفلسطينية " .. وعلى الرغم من معرفتي ان الكتب منفصلة .. الا انني اعتقد اني اتخذت القرار الصحيح بقرائتهم بالترتيب ...
أولا .. فلسطين .. حقك علينا ..
اعتقد ان هذا الكتاب يبني صورة واضحة عما كنا عليه .. وعما تؤول اليه حالنا .. فما ان يناد مناد ببضع من القيم .. الى ان يظهر له اعداء ومحاربون ..
سيرة ظاهر العمر الزيداني الذي انشأ اول دولة عربية في سورية الجنوبية ( فلسطين ولبنان وجزءا من سورية) .. يجب ان تقرأ .. يجب ان نفهم ما يصنع الرجال .. وما يصنع القادة .. وما يصنع الرموز .. كيف لنا ان نتحرر من السطحية التي تغمر نفوسنا هذه الايام .. كيف تخرج من حلم تبنيه لنفسك .. لتحلم عن وطن .. كيف تبني وطنا ..
استمتعت بالرواية .. وبالعمق الفلسفي للكاتب برسم الشخصيات التي أحاطت بالشيخ .. وغنى التفاصيل التي رسم بها الحياة كما كانت .. ليس كماض مليء بالأمجاد .. بل بفكر رجل تحرر من عبوديته لنفسه ..امتلك رؤية عميقة .. وسعى الى تحقيقها .. رسم الكاتب خطوطا وطرقا تتبع للحرية .. البطولة .. العدل .. ومفهوم الوطنية .. اعتقد أن الكتاب تربوي يجب ان يلقن لشبابنا في سن صغيرة .. لتترسخ داخل نفوسهم حقيقة الحياة .. التداخل بين الطيبة والحقد .. الاخلاص والخيانة .. الحلم والعمل .. وكيف ان من يرسم لنفسه هدفا .. يبحث عن طرق لتحقيقه .. يصل .. ويصبح رمزا ..
اعجابي بهذا الكتاب ازداد عندما ظهرت كل مشاكل ذاك العصر الحقيقية .. تشابه ما نواجهه .. توضيحه ان تاريخنا ايضا ينضح بكل ما نواجهه الان .. وانه في نفس الوقت .. امتلىء بمن رغب بتقويمه .. ازالة غمامة "الماض السعيد الراق" .. والقاء الضوء على الحقيقة والمعاناة .. الفساد والضياع .. واساليب محاربتها .. محاولة اقتلاعها من الجذور .. دروس يجب ان ننظر اليها كحالات تستحق التحليل والفهم والتعمق في القراءة.. فهي .. على الرغم من قدمها .. واجهت مشاكل نعاني منها الان .. ونلقي احمالها على اناس كثيرة .. متناسين انفسنا ..

"الفرق بين الدجاج والبشر يا عثمان : أن البشر يعون ما هم فيه ، ولا يكتفون بما تكتفي الديوك"

التحليل العميق للعلاقات السياسية التي حكمت المنطقة .. والتحليل النفسي لتغير الولاء ضمن افراد العائلة الواحدة متأرجحة بين عيون النفس الانسانية بين الغيرة .. والحقد والطمع والجشع .. ما يملأ القلوب المحبة كرها .. والضغوط التي يتعرض لها البشر فتغير من طبيعتهم .. تختم على قلوبهم .. تعمي بيصيرتهم .. تاريخنا مليء بالدماء .. وللدماء حق علينا الا تكون بذلت من دون ان تضيف الى وعينا .. الى ما نفعل .. احتراما يدفعنا الى البحث عن الحقيقة المستترة .. وازالة سترة الكمال التي نلقيها
كل زمن له خياناته .. وله مناصروه ..
وعلّنا ان حاولنا فهم التحديات التي واجهها ظاهر العمر الزيداني .. ونجاحه في زمن الخيول والسيوف في ان يحقق ما لا نستطيع تحقيقه الى الان .. نجد شعاعا من النور نزيل عتمة ما نعانيه في ظلمة جلهنا .. قد يحمل التاريخ حلولا .. لا يصدقها المستقبليون ..



View all my reviews

Tuesday, October 11, 2016

Review: أسفار الفراعين

أسفار الفراعين أسفار الفراعين by عزالدين شكري فشير
My rating: 3 of 5 stars

" .. لأن الكمون واللعن اسهل من الحركة والمواجهة "

اعتقد ان هذه الرواية تمس الواقع المصري بشكل مثير للدهشة .. على الرغم من انها كتبت من اكثر من 15 سنة .. ولكنها الاقرب لما رأيت ..
تعتمد الرواية على الرمزية المطلقة في وصف الوضع .. بين احتضار يتسرب الى نفوس الناس .. انقطاع الامل ( شبهه بالموت) .. الفساد ( المتمثل بالعفن والطاعون والامراض الاخرى) .. التغافل .. عدم وجود وضوح لاشياء كثيرة ..

"وماذا يهم الوقت ؟ هل يحسب الوقت هنا بنفس المقاييس التي يحسب بها في بقية أنحاء العالم؟"

يحلل الكاتب الوضع بشكل مثير للدهشة .. على لسان ابطال مختلفين .. منهم وضعوا تحت المجهر .. ومنهم فقد الامل وبقي يعيش صامتا يرقب .. ومنهم من يحاول شرقا وغربا .. ويحارب كل طواحين الهواء ..

"وفي أثناء جمع الجثث نكتشف بعض جيوب الحياة التي ما زالت تقاوم"

لا تزال متعتي الكبرى في ربطها مع "مقتل فخر الدين" .. حتى لو من بعيد .. اعتقد ان رمزية الرواية جعلتها الاقرب الى قلبي بعد الرواية الاولى ..
اعتقد ان هذه الرواية تشكل مرجعا هاما ( كغيرها من كتب عز الدين شكري فشير) لتحليل الحالة النفسية لطبقات مختلفة من المجتمع المصري .. وتشكل عتبة مهمة في تحليل الوضع المعقد المتشابك .. الذي تحتاج الى سبر أغواره ان تكون مصريا اولا .. محبا لوطنك ثانيا .. وقارئا محايدا للطبيعة البشرية والضغوطات المختلفة التي يتعرض لها الفرد ..

"نحن يا حبيبتي جزء من هذا العفن وهو قد تغلغل داخلنا. هل تعتقدين أن هذه الاقنعة تحول بيننا وبين التلوث؟ نحن جميعا ملوقون حتى النخاع. نتكلم تلوثا ونتنفس تلوثا ونموت من التلوث. نحن ككل الآخرين فراعين."

ثم .. ليس لديك ملجأ آخر ..
" - انت ياله عاوز تخرج؟ "
"أخرج اروح فين يا بيه؟"

أعجبتني .. وجدا ..


View all my reviews

Monday, October 10, 2016

Review: غرفة العناية المركزة

غرفة العناية المركزة غرفة العناية المركزة by عزالدين شكري فشير
My rating: 3 of 5 stars

"أين هذا من الحلم الأول؟ متى فقدت الأمل في الحلم وقبلت الواقع؟ ما هي اللحظة الفاصلة بين أنا القديم، ذلك الحالم الساعي لتغيير العالم، وبين أنا الذي صرت ؟ "
نحن كلنا نولد بأحلام نريد نحقيقها .. رغبات وآمال نعلقها على غد نتظره أن يأتي ..

ما تفعله بنا خيبات الامل وانكسارات الحياة .. خضوعنا .. مقاومتنا الضعيفة .. تخلي من تمسكنا به .. كله يودي الى نهاية لا تشبهنا ..

"كل ذلك أصبح غير ذي معنى، لم يعد يهمني . فقدت القدرة على الانفعال، على الحزن وعلى الفرح سواء . انفجر قلبي داخلي، ثم سكن الغبار وانتهى الأمر" .
في غرفة العناية المركزة .. يوجه الكاتب الدفة .. يعود به الى الماشي ليسرد لنا حياة الأشرار في الرواية (من الواقع المصري المعقد ) .. وكيف أصبحوا أشرارا .. كل واحد منهم شرير في قصة اخر ..
لكل كل شرير قصة .. عندما تبحث في تفاصيلها .. تتعاطف معه .. مع أسبابه .. وتقنع نفسك بأن لن تكون كذلك .. وكذلك فعل الشرير .. شيء يسرق قدرته على تحقيق الحلم .. شيء يؤذي طيبته .. شيء يخدش ثنايا روحه .. يخاف .. يتألم .. يرفض الاحساس بالاختراق وعدم الامان .. يرفض الاستسلام والضعف لانسانيته .. يحتاج الى أن يرمم البقايا .. فيرتدي درعا بينه وبين ما تمسك به مما سلم بأنها "مبادئ" .. فخانته وطعنته في ظهره ..
اربع شخصيات مختلفة .. حقيقية توجد في كل زمان ومكان .. شخصيات مكررة نمطية .. قد نجدها كلها يوم .. نعلق عليها خراب الامة والديار .. حسب "المنحى " الذي نتخذه .. ونعتبرها أشرارا .. نضعها على محرقة المثاليات التي "لن" نقبلها يوما ( ونحن مخادعون ومبررون لانفسنا كالعادة عندما يحصل .. وسيحصل" ) ومنافقون الى النخاع .. ما الذي أوصلهم الى ما فيه .. الصدفة .. الاختيارات .. الانكسارات .. التنميط ... القواعد الغير مدروسة .. النفاق الاجتماعي .. الاحتياج الى السلطة .. مظاهر الانسانية التي نرفضها .. وهي ما اكثر ما يميز انسانيتنا من الرغبة والاحتياج والضعف والخوف .. واكثر ما نغطيه ونخجل من وجوده .. ونرفض التعامل مع حقيقة وجودها اليوميه .. ونتمسك بالجزء الملائكي الذي لا يحتاج الى رعاية .. ونظهره ونسلط عليه الضوء .. هذا الخلل في التعامل مع انفسنا .. خوفنا من فهم انكساراتنا .. يفقدنا فهمنا للاخرين .. ويفقدنا ايماننا بقدرتنا على التغير .. والتغيير .. وبالتالي ما نسعى اليه يزول .. ولا يشبعنا ..
مع كل سقوط .. تصمت الروح وتجف .. مع كل مرة نخون صوتنا القادم من اعماقنا .. يخفت الى ان يتوقف .. ومع كل مرة .. ننسى مسؤوليتنا من الحدث .. نجد انفسنا نغرق أكثر وأكثر .. الى ان تتغير الحقيقة بأيد اصبحت كأنها لم تكن لنا ..

لا زلت احب "مقتل فخر الدين" أكثر .. ربما لاني احاول ان ابقي على أحلامي علها تنجو من "غرفة العناية المركزة" ..

View all my reviews

Thursday, October 6, 2016

Review: رأيت رام الله

رأيت رام الله رأيت رام الله by مريد البرغوثي
My rating: 5 of 5 stars

رأيت رام الله ..
أعاد الوطن الى مجريات الذاكرة .. وفرضه بالحقيقة التي لا يعرفها الا من ضل عن طريق العودة ..
أعاد تعريف الغربة .. ووضعها بجملة بسيطة واضحة ..
" الغريب هو الذي يجدد تصريح إقامته، هو الذي يملأ النماذج ويشتري الدمغات والطوابع. هو الذي عليه أن يقدم البراهين والإثباتات. هو الذي يسألونه دوما (من وين الأخ؟) أو يسألونه (وهل الصيف عندكم حار؟) . لا تعنيه التفاصيل الصغيرة في شؤون القوم او سياساتهم الداخلية ، لكنه اول من تقع عليه عواقبها"
" الغريب .. هو الذي يقول له اللطفاء من القوم (أنت هنا في وطنك الثاني وبين أهلك). هو الذي يحتقرونه لأنه غريب . أو يتعاطفون معه لأنه غريب .. والثانية أقسى من الأولى"

أطلق السيد مريد البرغوثي العنان للذاكرة .. واجبر الخيال على استباق الأحداث .. بين كلماته اتلمس طريقا يشبه ذكراتي التي تصر على "انتقاء" الاحداث والصفات التي أسبغها على الصور التي لا زالت تسكن الروح ..

كيف يختصر الوطن .. وكيف تصبح الغربة ملاذا من النسيان .. وكيف ان لك عالمك الخاص .. لا يفهمه إلا من يعاني حالتك الانسانية بنفس القسوة .. انتزعت فلسطين من اختيارات السيد مريد .. فأصبحت رمزا .. ثم عادت لتتجلى بحقيقة التراب .. ومفاراقات متع الغربة .. وتحولت الى الحقيقة الموازية التي تسكنها .. وتعبر اليها كلما ضاقت السبل ..

"هل قدمت للغرباء صورة مثالية عن فلسطين بسبب ضياعها؟"
"وهل كنت حقا أعرف الكثير من ملامح الأرض الفلسطينية؟"

كيف تتحول الأشياء لأشباه الاشياء .. وكيف تتغير العلاقة .. وكيف ان الارض الراسخة تقلقنا .. والاهتزاز اصبحا كصوت موج البحر .. لا يغيب عن اذني القاطنين بجواره .. ولا يعرفون غيره ..
المضحك المبكي أني صدفة التقيت بسيدة من بلدي .. "نحن قلنا كم شهر .. بالكتير خمس شهور .. لاقينا مطت الحكاية .. "

كيف ان الاحتلال سرق المستقبل .. سرق الفرصه .. الاختيار .. والقدرة على النضوج والكبر .. ما هي الحرب اذن ؟ هي ان تبقيك في مكانك .. تحجر على ذكرياتك .. وتمنعك من أن تغير الطريق .. طريقك حلقة واحدة .. وذكريات قديمة .. وكلمات وامثال لا تملك الا ان تحضر من ذكريات جدتك .. او حكم الكبار ..
الشعور بأنك "قليل" .. في الفرح .. في الموت .. في الواجبات والحقوق .. ينتزع منك كل شيء .. وانت " بلا عزوة وبلا تقاليد وبلا تاريخ يسبق وجودك هنا والآن" ...

سرده لقصته الشخصية .. وابطالها الذين نطالع اسمائهم في الجرائد .. ونتصيد نوادرهم الصغيرة .. كيف ان الأمل لا يجتث من الجذور .. الأمل يقطع كل مره .. هيمنه القوة والسيطرة على حجم حلمك ومدى قاعدته وامتذاد جذريه .. هي أن تسلب حق الاختيار في ان تكره ما لديك .. وتحب ما لدى غيرك ..
ضيف على ذكريات اخرين .. وتترك ايضا بقايا حكاياك ليحملها اخرين ..

هل سوريتي .. وطني الذي غبت عنه .. والمستقبل الغامض الذي يتحرق الى ان يوجد نفسه في لحظة العدم سيشابه ما قاله .. هل لترابط حالته الانسانية في منافيه الكثيرة .. وبيوته الكثيرة .. طابعا اطلق على حياتنا .. ؟
"يغترب عن ذكرياته فيحاول التشبث بها، فيتعالى على الراهن والعابر. إنه يتعالى دون أن ينتبه الى هشاشته الأكيده . فيبدو أمام الناس هشا ومتعاليا. أقصد في نفس الوقت"

الا تملك رفاهية الوداع .. وكل من تودعه لا تعرف له طريقا في لحظتها .. ان تودعهم من بعد .. وتحتار الا تعود .. تنتقي من ذكرياتهم زوادة على الطريق الموحش .. و لا تخبئ في زوادتك الا ما تنتقيه .. فانت لا تملك رفاهية أن تحمل اثقالا اخرى .. تتخلص فتحمل .. ليس لك مكان تفرغ فيه الصور .. انت حتى لا تملك ان تنسب لنفسك كسر فنجان الشاي في مطبخ الشقة رقم 18 من عدد الشقق التي غيرتها ..

" ما الذي يسلب الروح ألوانها؟
ما الذي ، غير قصف الغزاة أصاب الجسد؟"

اخ يا سيد مريد .. تسلم هالايدين .. والله يسامحك .. حطيت الوجع بكتاب .. وسميته .. وخليت النكران يصير حقيقه ..


View all my reviews

Saturday, October 1, 2016

Review: رأيت النخل

رأيت النخل رأيت النخل by رضوى عاشور
My rating: 3 of 5 stars

هل كنت في يوم ما مارا في عالمك .. استوقفتك فكرة .. فجلست تتأملها بعيدا عن كل صخب الكون .. لتدونها .. ؟
تعود لقرائتها .. فتجد نفسك مخبئا بين طيات اشيائ كثيرة .. وكل كلمة تاخذك لعالم كان وطنا يوما .. ثم اصبح صورة مهترئة الاطراف ... تعود للظهور في ايام التنظيف السنوية ، او حوادث الانتقال الى شقة اخرى .. لمم من الذاكرة المختزنة
اعتقد ان هذا ما فعلته السيدة رضوى في "رأيت النخل " .. تنثير لنا الزبيب والقمح .. لنتلقط ما يعجبنا من على سطود الدار .. ونتلصلص من الشباك .. منتظرين المزيد ..

"واصلا التعلق ببعضهما كما يتعلق الكهل بذاكرة الفرح" ..

:)

View all my reviews

Friday, September 30, 2016

Review: أبو عمر المصري

أبو عمر المصري أبو عمر المصري by عزالدين شكري فشير
My rating: 2 of 5 stars

"سيد نجار : ما لم يكن المرء يعرف أين يريد أن يذهب، فمن الصعب مساعدته على الوصول. ومهمتي هي مساعدتكم وليس الحلول محلكم"
مشرف رسالة الدكتوراة لفخر الدين .

رواية تحليلة عميقة ترصد التحولات التي ترأ على أرواح من يلقون بالا الى هذا العالم الغريب ..
ما الذي يغير طريقة رؤيتنا لهذا العالم .. كيف تحولنا تخاذلات الاخرين ، ضعفهم ، وجبنهم عن التمسك ببعض المبادئ المطلقة الى وحوش لا يتحرك داخلها شيء ..

هذه الرواية تكمله ل "مقتل فخر الدين" ، والتي كانت قد رسمت محاولات شخصية مثالية فهمت الحق من الباطل ، وحاولت ان تنتمي اليه دون ان تتزحزح .. واغتيلت على خلفية الاحداث .. يكمل الكاتب القصة باغتيال ابن خالة فخر الدين بدلا منه ، والصدمات المتوالية ، والغضب المشتعل داخله ، الذي حوله من انسان يبحث عن محاولات لممارسة ما يعتقد بانه صحيح ، بان يحارب كجندي يصرع الريح .. تذكرني بفكرة دون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء .. لكن الشخصية تدرك ان الحرب غير مجدية ، وانه خاسر لا محالة ، فيقرر الانتقام .. ويتحول الى حياة غير متوقعة ..
ولكنه .. ككل الشخصيات .. يملك نقاط ضعف .. تريه بان لا حل كامل .. وانه مهما كانت "الخطة محكمة" .. لا توجد خطة لا يوجد فيها "ثغرة" .. وثغرته كانت ابنه عمر ..
الرواية ايضا اضافت بعدا جديدا .. بشرحها لاسلوب "الجهاديين".. وطرق رفع طاقات البشر الى ما لا يستطيع عقل ان يرمي كل شباكه حوله .. يوضح بعض الافكار المتعلقة بهم .. هذا الجزء من القصة ذكرني بروايات رجل المستحيل وادهم صبري .. حتى لو انها واقعية التفاصيل .. وعلى الرغم من اني استمتعت بقراءتهم يوما .. الا اني فقدت في هذا الجزء ما يمتعني في روايات الكاتب عادة ... ربما هذا ما جعلها اقل اهمية من كل ما قرأت له من قبل ..

لا أنفي مطلقا قدرة الكاتب على استثارة اسئلة تحترق داخل كل انسان يبحث عن دوره في منظومة كونية .. وعلاقتها بالواقع الذي يجد نفسه منيطا به ، وان بلاد العالم متشابهة ان كنت تنظر حقا .. الاحتياج للعدل .. العجز .. انسحاب الامل التدريجي تاركا ظلالا تصبغ القلوب بالأسود .. وتسرق منها القوة على الحب ..

"أسال : لما لا تكون المشكلة فيك أنت ؟ بمعنى أنك تخشى المحاولة ، تخشى أن يكون هناك حل، لأنك ساعتها ستضطر للتحرك. ولأن تواجه فرص النجاح والفشل، إنك خائف من الفشل"
"أنت لست ضعيفا، لو كنت ضعيفا ما ظللت حيا حتى الآن"

اعتقد ان ما يجعل هذا الكتاب يستحق القراءة هو رؤية عملية تحول شخصية فخر الدين .. الى النقيض .. من المحكوم عليه .. الى مطلق الاحكام .. كيف اننا نتغير .. ويتغير كل شيء داخلنا .. حتى نصبح لا نشبهنا ..

"أهكذا يموت الرجال؟ في دقائق معدودة"
"سدوا عليهم النوافذ والأبواب والسبل فذبلوا، وظلت أعوادهم تجف حتى سقطت من تلقاء نفسها"
"وكلما جرب طريقا اخر كي يشرح لهم، تمادوا في غيهم"

ومع ذلك .. تلك اللمسة الانسانية التي تجعلك متعاطفا مع البطل القاتل .. اعتقد ان هذه النقطة هو ما يجعل المصريين مختلفين .. هم باحثون عن الدفء في العاطفة حتى في عيون المفترسين .. او هذا ما اعتقد اني وصلت اليه الى الان من قراءة ومعايشة المصريين ..

"انها تدرك ضعفها وتتقبله ،وتحاول ان تجد وسيلة لتحسين حياتها تناسب قدراتها"

في النهاية .. لا بد من القول .. انه من المدهش قدرة البشر على البقاء .. وملاحقة سراب الامل .. عله يوما يكون حقيقيا ..

"أنا جزء من هذا العفن، وأنا أحبك لأنك تدرك ذلك وتحبني رغما عنه"



View all my reviews

Review: أبو عمر المصري

أبو عمر المصري أبو عمر المصري by عزالدين شكري فشير
My rating: 2 of 5 stars

"سيد نجار : ما لم يكن المرء يعرف أين يريد أن يذهب، فمن الصعب مساعدته على الوصول. ومهمتي هي مساعدتكم وليس الحلول محلكم"
مشرف رسالة الدكتوراة لفخر الدين .
رواية تحليلة عميقة ترصد التحولات التي ترأ على أرواح من يلقون بالا الى هذا العالم الغريب ..
ما الذي يغير طريقة رؤيتنا لهذا العالم .. كيف تحولنا تخاذلات الاخرين ، ضعفهم ، وجبنهم عن التمسك ببعض المبادئ المطلقة الى وحوش لا يتحرك داخلها
شيء ..
هذه الرواية تكمله ل "مقتل فخر الدين" ، والتي كانت قد رسمت محاولات شخصية مثالية فهمت الحق من الباطل ، وحاولت ان تنتمي اليه دون ان تتزحزح .. واغتيلت على خلفية الاحداث ..
يكمل الكاتب القصة باغتيال ابن خالة فخر الدين بدلا منه ، والصدمات المتوالين ، والغضب المشتعل داخله ، الذي حوله من انسان يبحث عن محاولات لممارسة ما يعتقد بانه صحيح ، بان يحارب كجندي يصرع الريح .. تذكرني بفكرة دون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء، لكن الشخصية تدرك ان الحرب غير مجدية ، وانا خاسر لا محالة ، فيقرر الانتقام .. ويتحول الى حياة غير متوقعة .. ولكنه .. ككل الشخصيات .. يملك نقاط ضعف .. تريه بان لا حل كامل .. وانه مهما كانت "الخطة محكمة" .. لا توجد خطة لا يوجد فيها "ثغرة" .. وثغرته كانت ابنه عمر ..
الرواية ايضا اضافت بعدا جديدا .. بشرحها لاسلوب "الجهاديين".. وطرق رفع طاقات البشر الى ما لا يستطيع عقل ان يرمي كل شباكه حوله .. يوضح بعض الافكار المتعلقة بهم .. هذا الجزء من القصة ذكرني بروايات رجل المستحيل وادهم صبري .. على الرغم من اني استمتع بقراءتهم .. الا اني فقدت في هذا الجزء ما يمتعني في روايات الكاتب عادة ... ربما هذا ما جعلها اقل اهمية من كل ما قرأت له من قبل ..
لا أنفي مطلقا قدرة الكاتب على استثارة اسئلة تحترق داخل كل انسان يبحث عن دوره في منظومة كونية .. وعلاقتها بالواقع الذي يجد نفسه منيطا به ، وان بلاد العالم متشابهة ان كنت تنظر حقا .. الاحتياج للعدل .. العجز .. انسحاب الامل التدريجي تاركا ظلالا تصبغ القلوب بالأسود .. وتسرق منها القوة على الحب ..
"أسال : لما لا تكون المشكلة فيك أنت ؟ بمعنى أنك تخشى المحاولة ، تخشى أن يكون هناك حل، لأنك ساعتها ستضطر للتحرك. ولأن تواجه فرص النجاح والفشل، إنك خائف من الفشل"
"أنت لست ضعيفا، لو كنت ضعيفا ما ظللت حيا حتى الآن"
اعتقد ان ما يجعل هذا الكتاب يستحق القراءة هو رؤية عملية تحول شخصية فخر الدين .. الى النقيض .. من المحكوم عليه .. الى مطلق الاحكام .. كيف اننا نتغير .. ويتغير كل شيء داخلنا .. حتى نصبح لا نشبهنا ..
"أهكذا يموت الرجال؟ في دقائق معدودة"
"سدوا عليهم النوافذ والأبواب والسبل فذبلوا، وظلت أعوادهم تجف حتى سقطت من تلقاء نفسها"
"وكلما جرب طريقا اخر كي يشرح لهم، تمادوا في غيهم"
ومع ذلك .. تلك اللمسة الانسانية التي تجعلك متعاطفا مع البطل القاتل .. اعتقد ان هذه النقطة هو ما يجعل المصريين مختلفين .. هم باحثون عن الدفء في العاطفة حتى في عيون المفترسين .. او هذا ما اعتقد اني وصلت اليه الى الان من قراءة ومعايشة المصريين ..
"انها تدرك ضعفها وتتقبله ،وتحاول ان تجد وسيلة لتحسين حياتها تناسب قدراتها"
في النهاية .. لا بد من القول .. انه من المدهش قدرة البشر على البقاء .. وملاحقة سراب الامل .. عله يوما يكون حقيقيا ..

"أنا جزء من هذا العفن، وأنا أحبك لأنك تدرك ذلك وتحبني رغما عنه"

View all my reviews

Tuesday, September 13, 2016

Review: الطنطورية

الطنطورية الطنطورية by رضوى عاشور
My rating: 4 of 5 stars

اه عالطنطورية ..
ان اردت فهم دور شجرة اللوز في شعر محمود درويش .. والاغاني والاهازيج الشعبية الفلسطينية .. اقرأ الطنطورية ..
على الرغم من أني عندما قرأت للسيدة رضوى ثلاثية غرناطة ، اعتقدت انها لن تفوقها بأي رواية اخرى كتبتها او تكتبها .. ولكن الطنطورية أثبتت لي أن الكاتب قد يملك نفس الملكة لينتج كتابين مختلفين تماما .. يجبرانك على تفعيل الذاكرة الجمعية للبشرية ، ونقلك الى مستوى آخر من التعامل مع حقائق الأمور ..
"ولكن هل يمكن ان يصر شخص ما حكايته في منديل ويمد به يده إلى الآخرين؟"
"صر ربع قرن من مجريات حياته في منديل وقال هذا ما حدث"
ذاكرة مسجلة مروية بصوت سيدة عجوز .. تنقل لك ذاكرتها مصورة .. مشحونة بمختلف المشاعر الانسانية .. تعلمك مالم تعلمه عن قدرة تحمل البشر ، طرق تعاملهم مع المصائب ، تقلباتهم .. ما يحدث عنما يصبح الامل خيط عنكبوت واه معلق بأخره الشمس .. ربما لتعاملي القريب مع الحرب ، وفكرة التهجير واللجوء ، اللاقدرة على الانتماء لأي مكان والاحتياج الغريزي للانتماء لاي مكان .. الخليط الغريب بين الحب والحرية والقوة والتقاليد .. النزعة للتمسك بشظايا الاشياء على الا تملك شيئا .. ظهور الانسانية بشكل مستتر .. تفرض نفسها بقسوة على من يرفضها بين الحرب والسلم ..
اكثر ما فسره هذا الكتاب لي هو ما حصل ما وراء الكواليس في مجازر عده .. وكيف ان ارادة الحياة هي السحر الوحيد الذي يدفع جذورك بعيدا في الارض .. وان ما نلقنه لأطفالنا اليوم .. هو ما يتحول الى رسالة تطفو في أيام الشده ..
كيف ان تكون مهمشا ، مبعدا .. وتتحول الى صوت يعلو في الظلام .. عن علاقة شخصية يطورها رسام كاريكتور مثل ناجي العلي .. مع كل فرد من المخيم .. فيتحدث لغتهم .. ويصبح لرسمه اليومي ما يعيد حتى ولو خفقة قلب في اجساد لم يعد الموت كارثته .. بل ان ينسى العالم كل الذين استشهدوا .. هو ما يقتل فعلا ..
"هل يمكن حكاية ما جرى في هذه الصفحات المعدودة؟ كيف يحتمل كتاب صغير او كبير آلاف الجثث . قدر الدم. كم الأنقاض . الفزع. ركضنا طلبا للحياة ونحن نتمنى الموت؟"
الأدب الذي تنقله هذه الرواية وروايات اخرى مشابهة لها عن الحياة كمهجر ولاجئ ، والتحليل النفسي والمرحلي لكل ما يلم بهم .. هو مرجع مهم لفهم الطبيعة البشرية التي تحول ما يُعتقد ان لا حول له ولا قوة ، يمتلك روحا فولاذية لا تخدشها بواقي الحياة ..

الظاهر اني سأشكر السيدة رضوى مرارا وتكرارا .. :)


View all my reviews

Sunday, September 4, 2016

Review: مقتل فخر الدين

مقتل فخر الدين مقتل فخر الدين by عزالدين شكري فشير
My rating: 4 of 5 stars

"طوبى للغرباء" ..
:)

مقتطف من الرواية ..

"بل نموت ونحن نحاول سد ثغرات القناطر بأيدينا"

لا أدري حقا ما فعله هذا الكتاب بي .. اعتقد ان عنوانه لا يعطيه حق قدره .. ولا يجعلك تتنبئ بالمحتوى الغني المستتر تحت كلمة "رواية" .. اعتقد ان هذه "الرواية" تقوم بالدور الموكل لها .. بان تطالبك بالتفكير .. باعادة مساءلة النفس عن دورها .. وعن الذي تمثله .. اقتنيت هذا الكتاب لاستمتاعي بكتابين للكاتب نفسه قبلا .. ولكن هذا الكتاب كان رسالة من رجل لا يعرفني .. يحرك المياه الراكدة داخلي .. ويطالبني بأن اجاوب عن سؤال بسيط .. ربما الكتاب عبارة عن "فشة خلق" .. وصوت يعلو .. يطالب بان يحقن في ورق .. ويقرأ على الملأ ..

"من أنت؟"
العمق الفلسفي والاخلاقي للرواية مخيف .. كل مرة تقرأ شيئا .. يدفعك ان تساءل نفسك .. الكاتب يعتمد على مناقشات وجدانية وجودية ازليه .. ترتكز على فهمه لسارتر .. قراءاته للامام الغزالي .. مناوشاته مع محمد منير .. فهمه للقانون .. نفحات من سير الانبياء مستترة موضحه الهدف من العمل .. فهم وتحليل عميق للمجتمع بتحولاته وتناقضاته وتياراته المختلفة السائرة بلا هدف .. وعن أهميه وجود شريك .. يقاسمك رغيفك الفكري .. واختلاجاتك العميقة بعيدا عن الزيف ..

مقتطف من الرواية ..
"
-سأجلس هنا قليلا يا عم
- الجامع سيغلق يا بني ،هيا
....
-سأظل هنا للصباح يا حاج، فليس لي مكان آخر أبيت فيه
-ممنوع يا بني . الجامع سيغلق"

لن الخص الكتاب .. ولن اطيل في مدح الاسلوب الروائي للكاتب ، يدخلك الكتاب بداية ما تعتقده بانه هلاوس احلام .. قصاصات تقرا من شخصيات مختلفه .. سرد من زمن اخر .. عن رجل .. نقي .. فحاسبه الناس على نقاءه .. وكان هو عبد لما امن به .. مستمتع الى الصوت الخافت الذي نسكته بحجة " الواقع" .. فعاش حرا .. وقتل كما يقتل الأحرار ..

مقتطف من الرواية ..
" شعرت أني لو تأقلمت على هذا السوء فسأفقد كل ما قد يكون جميلا بداخلي"

للنفحات التي كان يرسلها الكاتب بين الحين والاخر من قصائد درويش .. الاثر الدرامي لاصحاب الخيال النضر .. فدرويش .. المنفي من كل شي .. والذي يحن الى الذكريات المسموعة .. الى السكينة والطمأنينه ما يربطه ببطل القصة .. كانهما عود ووتر ..
من أنا
بماذا أؤمن ؟ ولم أؤمن بهذه الاشياء ؟ وعن ماذا استطيع ان اتخلى؟ وما هو الخط الاحمر التي تعود فيها حياتي أدنى من القيمة المطلقة ؟ ما هي الوطنية الحقة؟ متى أكون مخلصا وغير منافق ؟ وهل لروحي مرفأ أرسو عليه ؟ ما هو دوري بين الناس ؟

مقتطف من الرواية ..
"اذهبوا انتم لسادتكم واتركوني سيدا على بقايا روحي"

عبقرية الكاتب في تحريك هذه الاسئلة في الوجدان .. بأنك عندما تغلق النور .. وقبل النوم .. ستسأل نفسك كل هذا .. علّ .. يوما ما .. يظهر فخر الدين ثان ..
العالم يحتاج من فخر الدين .. ليذكرنا .. ان الموت اصغر مشاكلنا ..

شكرا للذين لا يستخفون بعقولنا .. ولا بقيمة أرواحنا .. ولا بحقيقة أهمية وجوديتنا ..


View all my reviews

Saturday, August 27, 2016

Review: حديث الصباح والمساء

حديث الصباح والمساء حديث الصباح والمساء by Naguib Mahfouz
My rating: 2 of 5 stars

اول كتاب اقرأه لنجيب محفوظ .. ولا أدري ان كان من الحكمة ان ابدأ به .. والحق يقال .. الكتاب تحليل للنسيج الاجتماعي المصري .. عاداته .. تقاليده .. تناقضاته .. تشعباته بشكل مثير للاعجاب ..
أسلوبه سلس في رواية الاحداث اليومية العادية .. تأتي اليك كما يأتي اي شيء .. وسلالسته مثيرة للدهشة .. فعلى الرغم من رتابه الاحداث في القصة .. الا انها تستدعي رغبتك في معرفة الأمور العادية التي ستحصل في الصفحة التي تليها ..
يلخص الكتاب عدة اجيال متعاقبة .. وعلاقات متشعبه .. ويبتدأ من الألف الى الياء .. يسرد فيها نجيب محفوظ السيرة الذاتيه لافراد كثر من عائلتين اساسيتين .. وينتهي الكتاب بالجد الاكبر ..
اعتقد ان ما يميز الكتاب من الدرجة الاولى هو سرده للاحداث السياسية التي غيرت الحياة في القاهرة بدءا من نابليون والى منتصف التسعينات تقريبا .. ونظره كل فرد الى هذه الاحداث .. سواء من تعاطف .. حماس .. لامبالاة .. او كره حتى .. تظهر فيها الطوائف المختلفة للتيارات التي تحرك البلد او تتجاهل ما يحدث .. وطريقة تعامل كل فرد مع الاحداث .. تسجيل للطباع البشرية وعلاقاتها الانسانية المتقلبة .. ما يميز كل روح .. ونقاط التحول ..
التعامل مع الدين .. مع السياسه .. ومع الناس .. ضمن اطر مختلفة .. النتائج التي ارساها قرار كل احد من الشخصيات .. وتأثيرها على باقي الشخصيات .. المشاعر المتناقضة .. والقصة الفردية ل 67 بطل .. من موت مبكر .. الى عمر امتد ليرى احفاد الاحفاد ..
لحظة مميزة في الكتاب :
بعد وفاة أحمد ، دار حوار بين قاسم الطفل وعمرو افندي الاب ..
" لم تعد طفلا، أنت في الكتّاب، وتحفظ سورا من كتاب الله ، أحمد مات، وكل إنسان سيموت كما يشاء الله ، وهذه هي إرادة الله .."
فتساءل محتجا " ولكن لماذا؟"
"إرادة الله ، ألا تفهم؟"
"لا أفهم يا بابا.."
"لا ..هذه قلة أدب أمام الله .. سيذهب أحمد إلى الجنة بغير حساب وهذا حظ عظيم.. فاحذر قلة الأدب"
فصاح " أنا حزين جدا يا بابا .. "
" اقرأ الفاتحة يبرد قلبك.. "
لكن قلبه لم يبرد .. وكان كلما تذكره بكى ...


View all my reviews

Saturday, August 13, 2016

Review: تقارير السيدة راء

تقارير السيدة راء تقارير السيدة راء by رضوى عاشور
My rating: 4 of 5 stars

السيدة رضوى .. تحرك كالعادة الاسئلة اليومية .. والملاحظات الفردية لتفاصيل صغيرة .. تلقي بها أمامك كطعم .. لتجرك الى تشابكات العلاقت بين الاحداث السياسية التي تحدث في وضع حالي ( مع ان الكتاب عمره 15 سنة) .. وتحث استنتاجاتك الوجدانية ان تربط بين الزلل الذي نقوم به كافراد مجردين ليرتمي ويصبح متعلقا بالاحداث السياسية التي تحرك الحدود .. تغير الوان الاعلام .. وتنذر بالعديد ..
ما يميز كتب السيدة رضوى .. انها تدفعك للبحث عميقا ما وراء الاسئلة التي تطرحها .. توقظ احتياجك للاكتشاف والتحليل .. وتطلب منك برقة المربي الفاضل .. ان تحث القلب على البحث عن هدف اسمى ..
لهجة الكتاب بين التهكمية الساخرة .. الى الحزينة الناقدة على الحال .. في شكل مفارقات ومقارنات بين احداث جليلة .. وتفاصيل يومية صغيرة .. ولا تبخل علينا السيدة رضوى ان تنقلنا الى اندلسها .. حيث يختبئ شخصيات روايتها "ثلاثية غرناطة" .. تقول لنا مرة اخرى .. ابحثوا لم وقعنا في هذه المرة .. نتق شر المرات القادمة .. ولكن هل من مجيب ؟؟
ترفع القبعة مرة أخرى للسيدة ..

View all my reviews

Friday, August 5, 2016

Review: كزهر اللوز أو أبعد

كزهر اللوز أو أبعد كزهر اللوز أو أبعد by محمود درويش
My rating: 4 of 5 stars

هناك نوع من السرد لحوار داخلي يسيطر على محمود درويش في لحظات انتظار شيء ما .. بين محاولة مستميتة لوقف نفسه عن نسيان الهوية التي سلبت .. فيملأ فراغاتها بذكريات .. قصاصات ورق .. أخبار.. ومشاعر ممتلئة بالحب المستحيل الذي يرى النور عند منعطفات الامل المزيف .. وفي الوعود البالية .. يحشوها بأمل حكم عليه بالاعدام .. ويحارب لعيش اللحظة الأخيرة بكل قوة .. بين إرادة الحياة .. ومفارقة ثلاثية الزمن ، وعلاقتك الانية بتحول الآن الى ماض .. والمستقبل الى الآن .. وتصوير ما نتخيله عن انفسنا في الآن القادم .. كفراشة .. هش .. قد يحترق .. رغبته ان يعلو .. كيف أننا نفقد الماضي مرة واحدة .. فيصبح معلقا على جدران الذاكرة تحت اسم "للزيارة فقط" .. نضج فكري يرى في اصغر تفاصيل الحياة اليومية العادية " كبقعة التوت على القميص" .. مؤشرات وناية عن الاحداث التي تلتصق بنا لتصبح شيئا نتعايش معه على الرغم من لا انتمائه الى "الطبيعي المعرف" .. ينعي بها الامه .. ويرى في ملحمة الوطن التي يعيشها .. حدث لا تمحى اثاره .. وترى كأنها منه .. الى ان تتحول الى ما يميزه .. "الرجل الذي يرتدي قميصا ببقعة توت" ..
محمود درويش .. وعوالمه التي تأخذنا الى واقع ممزوج بألم .. لا يرى الا في الثغرات التي تتركها الظلال ويمر منها شعاع الشمس .. او يتسرب منها ضوء القمر ..

View all my reviews

Saturday, July 30, 2016

طوق الياسمين - واسيني الأعرج



للكتاب ابعاد كثيرة .. ربما ما شدني اليه .. ذكريات شخصية قديمة لا تزال تعنفني من وراء سجن النسيان الذي اقحمتهم فيه .. أرض القصة في دمشق التي تنزف ياسمينا .. ام انها مجموعة من الاحزان الملتهبة المرمية على ورق ..
يحمل الكتاب تعبيرات رقيقة .. تصف حالة اربعة عشاق ملتاعين .. يائيسن .. انهكتهم مشاعرهم .. فعاشوا في عالم من الالم .. لم يقووا على الرحيل منه .. وكلما حاولوا الابتعاد عنه .. ردم طريق الخروج .. واسدل ستائر الليل الذي لا ينتهي ..
يشابه الكتاب اختلاجات رجل يحتضر .. مليء بالحزن ومرارة تذكر لحظات سعادة .. افكار تائهة لتعبرعن توهان فكري غير معلق سوى بفكرة الم الفقدان .. ربما لكثير من القراء قد تكون الحالة ممتعة .. ولكنها أحادية الجانب .. منقوصة .. .. كخيوط شبكة عنكبوت تبدو انها كانت ستكون مشروعا ناجحا .. لو لم تضع العنكبوتة غرزة هنا وغرزة هناك .. فتهالكت وتهاوت .. النسج الادبي كان مرتبكا .. كطفل مذعور مليء بالامكانيات .. ونسي ما هو الهدف من وقوفه اليوم ..
الادب هنا رحلة في "ذاكرة مرقعة" قماشة جميلة جدا .. رقعت بقطع غير متناسبة الالوان لتملأ فراغات الذاكرة .. فسرقت منها تناسقها .. التفاصيل الحميمة في القصة ( في معظم الاحيان) لم تكن سوى ملئ تجاويف علّها تسترنا أمام الناس ..
هذا اول كتاب أقراه للكاتب .. لا انفي حقا براعته في الجمل الوصفية القصيرة .. التي انقذت الكتاب في مواضع كثر .. ووصف الحوار النفسي الداخلي .. لم يرق لي الاستخدام المختلط بين العامية السورية واللغة العربية الفصحى في كثير من المحادثات - كانت تقطع المتعة في الحكاية .. ولكن كل ذلك لا ينفي رهافة الاحساس وصراخ الالم النابع من صرخات قلب يحترق ..
"ألم يكن بإمكانك أن تحافظ عليّ من التلف"
اعتقد ان هذا الكتاب يوضح بقوة مقدرة الكاتب اللغوية على رسم صورة بصرية بالكلمات .. ولكن الحكاية كانت اضعف .. وتحتاج الى حبكة درامية اقوى ..
ربما ساعود الى الكتاب مرة اخرى .. واغير رأيي .. ( تختلف ارائنا باختلاف حالاتنا النفسية) .. ولكني اعتقد ان الكاتب لديه اكثر من ذلك .. ولم يلق بكل دلوه بعد ..

رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان



أعتقد انني سأعيد قراءة هذا الكتاب أكثر من مرة ..
اولا .. الشكر لغادة .. التي قررت ان تتجاهل كل القوانين والاعراف المعلنة واللامعلنة، وتتحمل هذا القدر من النقد والتخوين.. لتلقي الظل على الجانب الانساني من الرجل الرمز .. ان تعيد بعض التوازن .. وتعيد تشكيل انسانية الرجل بعد ان جرد وتحول الى قيمة أحادية الجانب .. محاولة بذلك ان تشفي الكثير من الرجال الذين امنوا بالوطن .. واعتقدوا بأن التزامهم بوطن وقضيه .. يحرمهم الحق بأن يراعوا انسانيتهم .. أجمل ما في الوطن .. أنه محتوى انساني .. تمارس فيه انت كمواطن .. حقوقك كلها .. ان تغضب وتحب وتثور وتجن .. ان تنتمي وترفض ما لا يعجبك .. وان تغرق في عشق ذلك الوطن الى الثمالة .. واجمل ما في رموز الوطن .. ان يمنحوا لأنفسهم الحق بأن يمارسوا كل هذا .. لأن الانتماء هو ليس قضية مرسومة بحدود جغرافيه .. هو مساحة ما بين ذكريات كانت .. وما قد سيكون .. بصورة تشبه كل فرد بحد ذاته ..

ثانيا ..

الرسائل نفسها .. ترسلك الى بعد لا يعرفه الا من يفهم اللغة العربية بقلبه قبل عينيه وخزونه الأدبي.. هي تصف عالما حقيقيا كان يعيش فيه غسان .. وانتماءه لكل قضيه يؤمن بها .. بل هي تعكس أكثر وأكثر .. وطنيته .. فمهما غير من موطنه ستبقى فلسطين "الوطن" .. ومهما بدل من نساء ستبقى غادة " الوطن" ..
لن استطيع ان أصف الرسائل بأقل من أنها " شحنة عاطفيه مفرغة لروح رجل مشى على هذه الأرض يوما " في سطور .. تختلج وتنبض الى اليوم .. واعتقد الى الأبد .. كأنما أذيبت الروح في كل حرف .. هي تعيد الحق للرجل الرمز .. الحق بامتلاك انسانيته وضعفها .. وجمال هشاشتها .. وصبرها .. والحلم الذي يتغلغل في كل ثناياك .. والذي .. ان كنت مناضلا شجاعا مثل غسان.. يدفعك الى الاحتراق أمام الشمس .. من أجل قضية أكبر من الحب .. الحب الذي يحمله غسان ليس مجزءا على الوطن .. والعائله .. والاولاد والأدب .. الحب الذي يحمله فيض يغمر كل شيء .. يختلط بكل شيء ..
يقوده ويدفعه الى أن يثري وجدان الأدب العربي .. بأن أحلامنا تستحق الدفاع عنها .. تستحق أن تصدر منا الآهات عندما تسحق .. وتستحق أن نرتمي أمامها بكل خنوع .. فمن نحن من دون حلم يسري في وجداننا .. حلم نموت دونه .. أو يتحقق ..
إيمان غسان بأحلامه .. يعزز قيمته "كرمز للصمود والنضال" .. روحة المنفيه من كل ما شابه الوطن في عينيه .. لم تساوم .. لم تختبأ .. بل أخلصت الى الأبد .. وكانت هذه الرسائل .. هي الحكاية التي لم تنشر الى بعد حين .. عن اخلاص من نوع مختلف .. لا يسيء الى صورته كشهيد .. بل يحولها من ذكرى .. الى ايقاع تنطلق وراءه الحشود ..

وأخيرا ..

توقفوا عن تجريد الانسانيه بتحويلها الى قيم مطلقه .. عندها .. وفقط عندها .. سنعيد لهذا الكون جزءا من حقيقته التي شوهها الساديون .. وربما .. يوما ما .. لون انسانيته ..