Wednesday, November 23, 2016

Review: زمن الخيول البيضاء

زمن الخيول البيضاء زمن الخيول البيضاء by Ibrahim Nasrallah - إِبراهيم نصر الله
My rating: 5 of 5 stars

الشرف .. والخيول .. وزمن الخيول البيضاء ..

اعتقد ان سلسله الملهاة الفلسطينية سترافقني في ايامي القادمة .. استمتع بكل ما يكتب ويقال .. الكاتب الرقيق الذي يسرد حكايا وطن .. اقرأ عن الشعب الذي نسي بين طيات التاريخ ، فأجد نفسي نهمة لاعرف المزيد .. هذه السلسلة ليست فقط سلسلة أدبية تملك دقة في الوصف ورقة في استماله القلوب .. بل هي الحكايا المنسية لبطولات افراد في مواقف مختلفة .. حكايا الذين لا يكتبون في التاريخ .. قاموا وفعلوا .. وحكايا عن البشر .. عن الطباع المختلفة الحقيقة التي توجد في كل مجتمع ، ونحاول تنميطها او تجاهلها ، او يسقطها التاريخ على اعتاب الامراء والمنتصرين ..

"وتذكر ان من تعرفه الخيل لن يجهله الناس"

التمثيل الاعلى .. واعادة اسقاط صفات نبيلة تتمتع بها الخيول على مجتمعات سكنت أرضا اسمها فلسطين .. تأبى الا ان تعود من الماضي لتذكرنا بما كان عليه .. بحقيقته وتناقضاته .. بالحكمة والعزة .. والخبث والخيانة .. بتجليات النفس البشرية التي يجب ان نعيها قبل ان نكبر الجميل منها ونذم القبيح ..

" رجلا ملتفا على نفسه كان، رجلا مجدولا يحاول منع أي صوت للألم الذي يعتصره من الوصول للخارج ."
ابراهيم نصر الله برقته .. يصف حالة انسانية مستترة بين الضلوع ..

"إن كنت تخشى ان تفقدها، فالمرء لا يستطيع أن يفقد شيئا هو في الاصل لغيره ، وإلا سوف يعذب نفسه مرتين ، مرة بجهله ومرة بفقدان ما ليس له "
"وما دام قرر الانسان ان يعطي ، فليعط افضل مالديه "
يحدثك الكتاب في بداياته .. عن شاب صغير .. تحركت روحه للدفاع عن شرف "خيل بيضاء" استجارت به .. ووصل في نهاية الكتاب الى رجل دافع عن كرامة وطن .. لم يتنازل عن حربه .. يحكي لك كيف يتحول "فتى" الى "رمز" .. ويعلمنا كيف نسير على خطاه .. طفولة .. عشق .. رجولة .. أبوه .. كيف ان الانسان لا يعلو الا اذا سمع نداء داخله فأنصت له .. استجاب لروحه بما يراه حقا .. فسمت به الى أبعد مما عرف عنه ..
لا يتوقف فقط عند سرد أهمية الرجولة .. بل لقوة المرأة ودورها وصنيعا نسج جزءا كبيرا من الرواية .. مئات من القصص الصغيرة عن بطولات يومية او بطولات تسيطر على عمر باكمله .. حبها وجبروتها .. طفولتها واحتوائها .. وايمانها وضعفها ..

ان تبحث عن عادات فلسطينية .. اهازيج .. عن الارث الاجتماعي المنقول .. ابحث في هذه السلسلة .. هو لا يسردها .. بل تفهم العلة من الكلمة في الاغنية .. واساليب الخطوبة والزواج .. وحتى ما قوم المجتمع الصغير .. والعلاقات الضمنية التي لم يخلق احتياج لصياغة قوانينها .. ورثت ام وضعت في الطعام لا ادري .. ولكنها كانت تناسب حالة العصر وطريقة التفكير التي سردت في سطور الكتاب ..
تقرأ بين سطوره كيف كان التعايش الديني في أوجه .. كيف ان الله للجميع .. وايمان كل واحد ومعتقداته له .. ما تفعلون بهذا الايمان .. هو ما يهم..
- "ولكننا يا حاج لا نعرف شيئا مما حصل، وليس لنا ذنب فيما يفعله عساكره .
- أعرف هذا، ولكن ذنبكم انكم قبلتم أن يكون مثل هذا الظالم سيدا عليكم"
لا يكتفي الكتاب بان يروي لنا كل هذا الزخم من الزينة التي تنقش في الذاكرة .. بل يسرد لنا بهدوء كيف تسلب الحقوق .. وكيف ان الانسان يبحث عن قشة لينقذ بها احلامه .. كيف تكالبت الاحداث .. وكيف ان القصاصات من الخيانات الصغيرة والكبيرة اجتمعت بشكل يبدو لنا عشوائيا في البداية ، وتحولت الى اعلان لدولة اسرائيل على أرض نسي اصحابها .. او ذبحوا .. او مسحوا .. من يذكر اسماء مقابل ارض ؟
"لقد اعتبرناكم خسائر حرب "
- "ماالذي يمكن أن نفعله؟ كان السؤال الوحيد الذي يتكرر.
- افعلوا أي شيء إلا الاستسلام"

شكرا ل #ابراهيم_نصر_الله


View all my reviews

Thursday, November 17, 2016

ولدت هناك، ولدت هناولدت هناك، ولدت هنا by Mourid Barghouti - مريد البرغوثي


"الطريق يزداد وعورة..
أكتافنا تتلامس مع كل اهتزاز .. "


رواية نثرية أخرى ، تأخذني بعيدا في عمق الوجع الفلسطيني واحلامه .. بين تاريخه وانطباعات انسانية .. وأحلام تحكمت في مسارها ادارتها السياسات والمصالح العالمية .. تسرق الرواية جزءا من خيالك لتقيم لنفسها كيانا ضمن جدران ذاكراتك التي تختزن كل شيء .. مقتطفات من أخبار سمعتها يوما .. او مشاهد عبرت أماك في نشرة الأخبار لم تلق لها بالا في انتظار المسلسل المكسيكي المترجم ..
يسرد السيد مريد رحلته مع ابنه تميم الى الأرض الفلسطينية .. للحصول على حقه في الهوية الفلسطينية .. ونعبر معه لا الحدود الجغرافية فقط .. ولا معابر الاحتلال ونقاط التفتيش .. ولا الصور المختلفة التي تنطبع في حقيقتك كوجود تستطيع ان تتلمسه بيديك.. بل كل الحدود التي بنيت داخله .. كل ما أثار داخله المشاعر الانسانية القوية والواهية .. استحضاره للذاكرة .. او محاولته لملئ تجاويفها التي تسقط من الذاكرة بعنف .. او بصمت .. او التي تتلاشى وفقط ..

هل أوجعك القلق يوما ؟ "
"الخيال لا يلغيه أي واقع. فالواقع الذي يباغتنا سرعان ما يستولد في البال خيالا آخر. وأكاد أسأل هل هناك ((حقيقة)) خارج ((الخيال)) الإنساني؟ وتحيرني الإجابة. "
"ألا يبدو قلقي سخيفا ومخجلا اذا ما قورن بعذابات شعبي المزمنة؟
.....
أريد أن اتعامل مع مشاعري القليلة الشأن التي لا يسمع عنها العالم أبدا، أريد أن اؤرخ لحقي في القلق العابر والحزن البسيط والشهوات الصغيرة والأحاسيس التي تومض في القلب لمحا ثم تختفي. أنا لا أقول إن قلقي مبرر ولا أعتذر عنه. إنه قلقي وكفى. أنا أتحث عنه كما هو. لا أريد شيئا من أحد. لا أستغيث ولا أريد عونا ولا تعاطفا بل أريد أن أتحسس داخلي لأعرفه وأصغي لصوت نفسي فأسمعه وأريد أن أورخ لما لن يؤرخه أحد نيابة عني. أريد أن أنقش أصغر مشاعري بإزميل على حجر بجوار الطريق... "
"

صفحات الكتاب مرآة لانسانية الشاعر التي عرّيت انسانيته بشدة على مراحل مختلفة .. ولأسباب مختلفة .. فتستطيع ان ترسى المسميات كال " الغضب" .. وال " الحب" .. وال"الحنين" .. مرسومة واضحة لا شيء يسترها .. سوى .. احيانا .. جرائد قديمة وعناوين اخبار حركتها نسمات الذاكرة التي تأبى أن تهدأ ..
ينمو احتياج حقيقي للمنفي والغريب بفهم أدق مشاعره وأرهفها .. بمعاصرتها والاعتراف بوجوديتها كي لا تنسى .. ولا ينسى ..

"المسألة ليست في التعلق الرومانسي بالمكان، بل في الحرمان الأبدي منه"


أن تكون منزوعا من جذورك ، غير قادر على العودة الا لوطن رسمته داخلك .. تتلمس ما ترسمه انت لملئ الفجوات المختلفة التي تحدثا رصاصات الزمن .. انت في رحلة بين معالمه ومعالمك اللذان تشابها ثم تداخلا .. فلم تعد ترى الحدود .. انت وطنك الذي تحمله .. بنقصانكما وتكاملكما معا .. بخجلك امام ضعفك وتشوهات القوى السياسية التي غيرت معالمه ..

"كيف تنعس أمة بأكملها؟ كيف غفلنا إلى ذلك الحدّ؟ إلى هذا الحدّ بحيث أصبح وطننا وطنهم؟"
"وغياب العدالة منفى، والتنميط منفى، وسوء الفهم منفى.."
"جيل قد يسمم حياة أهله دفاعا عن حريته الشخصية لكنه لا يدري ماذا يفعل بهذه الحرية، ولا لماذا يريدها بالتحديد"


في هذا الكتاب تستطيع ان تتلمس من وجهة نظر فردية .. تحولت بشكل ما الى وعي جمعي .. تحليلا سياسيا لتأثير الاحداث .. وأسباب وصول الحال الى ما وصل اليه .. من غياب المرافبة الذاتية .. ومطامع دول سيادية .. بين الامل الذي يحرق أمام عينيك .. وتخليك عن بعضه الآخر .. بين قدرة احتلال على تشويه نظرتك الى قدراتك الانسانية .. ودفعك الى التمسك بعناد اعمى عن ذاكرة لم تعاصر منها سوى الرواة .. محاولة لتتبع الخيوط التي حولت القضية الفلسطينية .. وحق الافراد .. الى خبر يتابعه البعض بغضب وعنف آني .. والبعض الاخر الذي يعتبره جزءا مكررا في نشرات الاخبار اليومية ..

"ماما أنا في القدس. أنا في باب العمود. أنا وبابا في القدس."


كانت ذروة المتعة في قراءة الكتاب .. أن ترى كيف غرست الرائعة "رضوى عاشور" في ابنها "تميم " انتماءا لوطن لم يراه .. ولأب لم يعاصره الا في مناسبات متفرقة في سنين بداياته الأولى .. كيف أن الأم هي الحقيقة المتجلية في رسم ابعاد رجال ترى ابعد من الشمس .. كيف ان الحب يلقن على طاولات العشاء الفردية .. وكيف أن الوطن يخرج من أبعاده الجغرافية ليتجلى في أفراد .. كيف ان تكون "مصريته" .. لا تقل عن "فلسطينتيه" .. ولا تسبب له تناقضا .. قصيدة تميم البرغوثي "قالولي بتحب مصر قلت مش عارف" .. تأكيد حي على هذه الحقيقة ..

"رسالتك الفلسطينية يا رضوى، وصلت"

أحلم بكتاب مريد البرغوثي النثري الجديد .. ولحظات حقيقية من التجلي ..


View all my reviews

Thursday, November 3, 2016

Review: قناديل ملك الجليل

قناديل ملك الجليل قناديل ملك الجليل by إبراهيم نصر الله
My rating: 5 of 5 stars

قناديل ملك الجليل ..

"القنديل الذي سترى في ضوئه العالم عليك أن تشعله بنفسك يا بشر!"

"هذه البلاد بلادك وبلادي يا سعد مثلما هي بلادهم . هذه بلاد كل من يجرؤ على الدفاع عنها ، أما الجبناء ، فلا بلاد لهم ، لأن جبنهم هو بلادهم الوحيدة التي باستطاعتهم ان يرحلوا اليها الآن ، دون اسف عليهم.."

اعتقد اننا ندين لانفسنا ان نقرأ التاريخ .. تاريخنا .. ان نعلم ما فيه حقيقة .. ان نتوقف عن ارتداء الماضي كحلية لا نعلم مما صنعت .. ولا كيف شكلت .. كيف تكون لازماننا الحالية نظير .. لا نعي مدى قربه مننا .. على الرغم من اختلاف سحنته ..
كنت قد سحرت بالطنطورية .. ورأيت رام الله عندما نصحني صديقي طارق كمال بقراءة "زمن الخيول البيضاء" .. وكعادتي .. رحت ابحث عن الكتاب الذي ( واعترف بجهلي هنا ) اكتشفت بعد حين انه الجزء الثاني من سلسلة "الملهاة الفلسطينية " .. وعلى الرغم من معرفتي ان الكتب منفصلة .. الا انني اعتقد اني اتخذت القرار الصحيح بقرائتهم بالترتيب ...
أولا .. فلسطين .. حقك علينا ..
اعتقد ان هذا الكتاب يبني صورة واضحة عما كنا عليه .. وعما تؤول اليه حالنا .. فما ان يناد مناد ببضع من القيم .. الى ان يظهر له اعداء ومحاربون ..
سيرة ظاهر العمر الزيداني الذي انشأ اول دولة عربية في سورية الجنوبية ( فلسطين ولبنان وجزءا من سورية) .. يجب ان تقرأ .. يجب ان نفهم ما يصنع الرجال .. وما يصنع القادة .. وما يصنع الرموز .. كيف لنا ان نتحرر من السطحية التي تغمر نفوسنا هذه الايام .. كيف تخرج من حلم تبنيه لنفسك .. لتحلم عن وطن .. كيف تبني وطنا ..
استمتعت بالرواية .. وبالعمق الفلسفي للكاتب برسم الشخصيات التي أحاطت بالشيخ .. وغنى التفاصيل التي رسم بها الحياة كما كانت .. ليس كماض مليء بالأمجاد .. بل بفكر رجل تحرر من عبوديته لنفسه ..امتلك رؤية عميقة .. وسعى الى تحقيقها .. رسم الكاتب خطوطا وطرقا تتبع للحرية .. البطولة .. العدل .. ومفهوم الوطنية .. اعتقد أن الكتاب تربوي يجب ان يلقن لشبابنا في سن صغيرة .. لتترسخ داخل نفوسهم حقيقة الحياة .. التداخل بين الطيبة والحقد .. الاخلاص والخيانة .. الحلم والعمل .. وكيف ان من يرسم لنفسه هدفا .. يبحث عن طرق لتحقيقه .. يصل .. ويصبح رمزا ..
اعجابي بهذا الكتاب ازداد عندما ظهرت كل مشاكل ذاك العصر الحقيقية .. تشابه ما نواجهه .. توضيحه ان تاريخنا ايضا ينضح بكل ما نواجهه الان .. وانه في نفس الوقت .. امتلىء بمن رغب بتقويمه .. ازالة غمامة "الماض السعيد الراق" .. والقاء الضوء على الحقيقة والمعاناة .. الفساد والضياع .. واساليب محاربتها .. محاولة اقتلاعها من الجذور .. دروس يجب ان ننظر اليها كحالات تستحق التحليل والفهم والتعمق في القراءة.. فهي .. على الرغم من قدمها .. واجهت مشاكل نعاني منها الان .. ونلقي احمالها على اناس كثيرة .. متناسين انفسنا ..

"الفرق بين الدجاج والبشر يا عثمان : أن البشر يعون ما هم فيه ، ولا يكتفون بما تكتفي الديوك"

التحليل العميق للعلاقات السياسية التي حكمت المنطقة .. والتحليل النفسي لتغير الولاء ضمن افراد العائلة الواحدة متأرجحة بين عيون النفس الانسانية بين الغيرة .. والحقد والطمع والجشع .. ما يملأ القلوب المحبة كرها .. والضغوط التي يتعرض لها البشر فتغير من طبيعتهم .. تختم على قلوبهم .. تعمي بيصيرتهم .. تاريخنا مليء بالدماء .. وللدماء حق علينا الا تكون بذلت من دون ان تضيف الى وعينا .. الى ما نفعل .. احتراما يدفعنا الى البحث عن الحقيقة المستترة .. وازالة سترة الكمال التي نلقيها
كل زمن له خياناته .. وله مناصروه ..
وعلّنا ان حاولنا فهم التحديات التي واجهها ظاهر العمر الزيداني .. ونجاحه في زمن الخيول والسيوف في ان يحقق ما لا نستطيع تحقيقه الى الان .. نجد شعاعا من النور نزيل عتمة ما نعانيه في ظلمة جلهنا .. قد يحمل التاريخ حلولا .. لا يصدقها المستقبليون ..



View all my reviews